يشهد ثمن الطائرات الحربية "إف-35" التي تصنعها شركة لوكهيد ارتفاعاً متزايداً، فهل من سبيل إلى تصنيع طائرات أقل تكلفة؟ أنغوس باتي يكتب عن جيل جديد من الطائرات سيحلق في السماء قريباً.
في معرض فارنبره الجوي في انجلترا، كان الحديث يدور هذا الصيف عن طائرة إف-35 التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن، والمعروفة أيضاً باسم مقاتلة الضربة المشتركة.
وكان من المفترض أن تكون هذه الطائرة أبرز ما يجذب الأنظار في المعرض، حيث يمكن أن تصبح خيار القوات الجوية في عدد من الدول الرئيسية خلال العقود القادمة.
لكن الطائرة التي يبلغ سعرها 100 مليون دولار، لم تستقطب هذا الاهتمام، بعد اشتعال النار في محرك إحدى نماذجها أثناء تجريبها.
لكن طائرة حربية جديدة استغرق تصميمها وتصنيعها عامين عرضت في فارنبره. إنها طائرة "تيكسترون سكوربيون" التي تبلغ تكلفتها 20 مليون دولار، أي خمس تكلفة طائرة إف-35، رغم أن اقتناءها لا يعتبر صفقة مربحة بمعايير كثير من الناس.
هذه الطائرة صممت انطلاقاً من قناعة مفادها أنه ليس بالضرورة أن يستغرق كل مشروع دفاعي سنوات طويلة وميزانيات ضخمة، ولا ينطوي هذا التوجه فقط على تغيير في تصميم مقاتلات المستقبل، ولكن أيضا في الأدوار الإنسانية التي يمكن أن تقوم بها هذه الطائرات معقولة الثمن.
ويقول بيل أندرسون رئيس تيكسترون إن معظم الجهود انصبت في العقود الأخيرة على إنتاج مقاتلات غالية الثمن معقدة التصميم.
وسواء في حالة بوينغ "إف ايه 18" أو "إف-35" التي تصنعها لوكهيد مارتن، أو "رابتر إف 22"، أو طائرة تايفون الحربية الأوروبية، فقد راعى المصممون الأداء المتقدم للطائرة بغض النظر عن التكلفة.
ولكن في موازين العصر الاقتصادية تعتبر التكلفة مسألة في الصدارة حتى بالنسبة لأغنى الدول في الغرب.
مقاتلات منخفضة التكاليف
ليست شركة تيكسترون وحدها التي طوعت التكنولوجيا لمعالجة هذه القضية. فالمقاتلة الصينية جيه إف 17 التي تصنع حالياً بالتعاون مع باكستان، يقال أن تكلفتها ستبلغ حوالي 20 مليون دولار.
في غضون ذلك بإمكان المقاتلة الروسية ياك 130- وهي طائرة منخفضة التكلفة- القيام بكافة المهام الحربية القتالية، والاستطلاع، وتدريب الطيارين.
وليست هذه المرة الأولى التي تُصمم فيها طائرات منخفضة التكلفة. فما زالت تستخدم طائرة ميغ 21 سوفيتية الصنع والتي صنعت خلال الخمسينيات، من قبل عدد من الدول التي انضوت تحت لواء الاتحاد السوفيتي السابق.
وقائمة الدول التي ابتاعت حديثاً النسخة الصينية المطورة من ميغ 21 السوفيتية تشير إلى تسابق على اقتناء هذه الطائرة من قبل الجيوش ذات الميزانيات المحدودة.
حتى الولايات المتحدة عمدت إلى انتاج مقاتلات منخفضة التكاليف هي الأخرى.
ففي الستينيات والسبعينيات، صنعت طائرات "إف-5 فريدوم فايتر" الخفيفة لتلبية حاجات الجيوش التي لا تسمح ميزانياتها بشراء طائرة فانتوم ذات المحركين.
وتستخدم طائرة "إف-5" الآن من قبل جيوش أكثر من 30 دولة، بينما دخلت الخدمة لدى القوات الجوية الإيرانية مؤخراً نسخة معدلة هندسياً منها صنعت في إيران.
هناك ثلاث فئات من المشترين المحتملين للطائرات المشابهة لطائرات سكوربيون التي تبلغ سرعتها القصوى 520 ميلاً في الساعة.
الأولى هي قوات جوية ترغب في طائرات صغيرة قادرة على تنفيذ غارات حربية، ومهمات جمع المعلومات، ولم يسبق لها أن استخدمت طائرات حربية من قبل، وترغب في استبدال أسطولها من الطائرات القديمة.
الفئة الثانية، هي بلدان لديها قوات جوية تعكف على تطويرها ولكن ترغب في شراء عدد أقل من الطائرات ذات الكلفة العالية، ولكي تتمكن من الحصول على عدد أكبر من الطائرات زهيدة الثمن.
أما الفئة الثالثة، فهي القوات الجوية التابعة للجيوش الرئيسية في العالم التي ترغب في استخدام الطائرات المتقدمة غالية الثمن في مهمات أبسط، وفي بيئة حربية أقل خطورة.
السؤال هو: كيف يمكنك بالضبط صناعة طائرة منخفضة التكلفة وفي نفس الوقت في غاية التعقيد والإحكام من الناحية التقنية؟
لجأت شركة تيكسترون إلى الجهات التي تزودها ببعض أجزاء الطائرات، واستخدمت مكونات يجري انتاجها فعلاً بدلاً من تصميم كل شيء من البداية. (فالطائرة إف-35 على سبيل المثال تستخدم محركاً صمم خصيصاً لهذه الطائرة).
وقد تعمدت الشركة أن يكون فريق الإنتاج صغيراً، لكي يتمكن دايل توت، كبير مصممي أندرسون أند سكوربيون، من اتخاذ القرارات بسرعة.
يقول دايل توت: "بمجرد أن نضع التصميم الأولي، نحدد للفريق معايير عالية المستوى لتنفيذه، ولا نثقل كاهلهم بكثير من المتطلبات التفصيلية."
ويضيف: "لسنا مضطرين على سبيل المثال إلى أن نقضي وقتاً طويلاً في تطوير محرك جديد أو مقعد قفز للطيار. وركزنا بدلاً من ذلك على تجميع هذه المكونات في الطائرة وجعلها قادرة على التحليق."
مهام المراقبة
تتمتع تيكسترون بمزية عدم الاضطرار إلى الاستجابة لمتطلبات دولة أو قوات جوية بعينها، وهذا معناه أن فريق التطوير يستطيع أن يجري التغييرات التي يريدها على التصميم إذا رأى أن ذلك يساعد على تطوير المشروع ككل.
يقول أندرسون: "مثال بارز على ذلك هو شركة مارتن بيكر، البريطانية المتخصصة في تصميم مقاعد القفز. فقد أرسلوا مجموعة من المهندسين وعاينوا تصميم قمرة القيادة في طائراتنا."
ويضيف: "لقد قالوا: إن مقاعدنا لن تجدي نفعاً. وسوف نحتاج إلى سنة ونصف وعدة ملايين من الدولارات لإعادة تصميمها. ولكن اذا استطعتم أن تصمموا لنا مقاعد تزيد في حجمها عن المقاعد الحالية 2 بوصة عرضاً و3 بوصات طولاً، فستصبح مقبولة. وقد تجاوبنا مع ذلك، وقمنا بالفعل بتوسيع حوض قمرة القيادة."
وقد أتبعت شركة سكوربيون ظهورها في معرض فارنبرة للطيران بعرض في ولاية كنساس الأمريكية، موطن تيكسترون. وقد صمم ذلك العرض لمحاكاة وضع ما بعد وقوع كارثة طبيعية في المنطقة.
هنا لم تستخدم الطائرة في مهمة قتالية، لكنها زودت مراكز القيادة والتحكم على الأرض بصور فيديو واضحة، وهو دور مشابه كثيراً لما تقوم به طائرة بدون طيار في أفغانستان.
أرادت شركة تيكسترون أن تدخل طائرة سكوربيون في المناقصة التي سيجريها سلاح الجو الأمريكي العام القادم لشراء 350 طائرة تدريب لتحل محل أسطوله المكون من طائرات تي-38 التي عفا عليها الزمن والمستخدمة منذ الستينات.
كما أن المناورة كانت ترمي إلى استعراض إمكانية القيام بأدوار أخرى مثل مراقبة الحدود، والمساعدات الإنسانية، والدوريات البحرية، كمهمات تستطيع الطائرة تنفيذها بكفاءة.
يقول أندرسون: "حتى البلدان الغنية التي نتواصل معها تعترف بأن عليها أن تكون أكثر اقتصاداً في النفقات. وأنها تميل إلى عدم تدريب طياريها باستخدام ما تملكه من طائرات باهظة الثمن، لذلك أعتقد أن غالبية الدول تدرك أنها لا تحتاج دائماً إلى طائرات وافية الكفاءة والمواصفات".
0 التعليقات:
إرسال تعليق