تحفل الأساطير الشعبية بقصص خيالية تَرَبى عليها الأطفال، ومنها قصة "حورية البحر" أو "عروس البحر" وهي "مخلوق يتكون من نصف إنسان، ونصف سمكة". وقد تحولت هذه الأسطورة القديمة والتي تعود للإمبراطورية الآشورية القديمة إلى قصة شغلت الأطفال ضمن الرسوم الكرتونية التي تقدمها شركة "ديزني". لكن هل استمدت هذه الأسطورة قصتها من حالة طبية حقيقية؟!
"السيرنوميليا" والتي تعرف أيضًا باسم "متلازمة حورية البحر" وهو مرض يهدد الحياة، حيث يولد الشخص بساقين مندمجتين. ويؤدي هذا التشوه الخلقي إلى وجود طرف واحد للجنين، بما يشبه ذيل السمكة. ويحدث هذا الخلل نتيجة فشل في إمدادات الأوعية الدموية، حيث لا تصل إمدادت دم كافية للجنين عبر الحبل السري، حيث يفشل في تشكيل شريانين. فيسرق شريان واحد الدم والتغذية من الجزء السفلي للجسم، ويعيدها إلى المشيمة. فيعاني الجنين من سوء التغذية، ما يؤدي إلى فشل تشكيل ساقين منفصلتين. وتعد هذه الحالة نادرة الحدوث، حيث تحدث لطفل من بين 100,000 طفل. لكن احتمالية حدوثها تصل إلى 100 مرة عند التوائم المتماثلة.
ولا يعيش الأطفال الذين يولدون بهذه الحالة أكثر من عدة أيام، أو يُولدون ميتين. وتقول الدكتورة "ليندسي فيتسهاريت" وهي مؤرخة طبية من جامعة "أوكسفورد" أنه توجد بعض القصاصات التي تتحدث عن التشوه الخلقي عند المواليد، فيُقال بأن المواليد الذين كانوا يولدون بهذه الحالة كانوا يوضعون في جرار للاحتفاظ بهم؛ ليتم عرضهم في المعارض المختلفة خلال القرن التاسع عشر. كما تم ذكر هذه الحالة في مجلد علمي قديم لكنه لم يذكر كيفية معالجة الأطباء لهذه الحالة. ولم يُذكر بأن أحدًا ممن عانوا من الحالة في التاريخ الماضي قد بقوا على قيد الحياة. فمعظم من يولدون بهذه المتلازمة يتوفون بعد عدة أيام نتيجة الفشل الكلوي، وفشل المثانة.
وتوجد بعض الأمثلة لبعض المواليد الذين ولدوا بساقين منصهرتين، الحالة الأولى "تيفاني كوك" والتي ولدت عام 1988، حيث تم إجراء عملية فصل لساقيها قبل بلوغ عامها الأول. لكنها لا تزال تعاني من مشاكل في الحركة، لهشاشة عظامها، وتستخدم الكرسي المتحرك ليساعدها على الحركة. وتبلغ تيفاني اليوم 26 عامًا، وهي أكبر ناجية من هذه الحالة النادرة. أما الحالة الثانية فهي للطفلة "ميلاغروس سيرون" من البيرو، والتي تلقب بـ "حورية البحر الصغيرة". وقد أجرى الأطباء عملية جراحية ناجحة لها عام 2005 لفصل ساقيها إلى ما فوق الركبتين.
وقد أجريت العملية الثانية عام 2006 لفصل الأنسجة المتبقية إلى ما فوق الفخذ، وقد تمكنت بعدها الطفلة من المشي والوقوف دون مساعدة أحد. وفي عام 2012 أجريت عملية زراعة كلى للطفلة كجزء من عملية جراحية لإصلاح المسالك البولية. وقد كانت تيفاني الشخص الوحيد الذي يخضع لعملية ناجحة لتصحيح هذه الحالة النادرة. وقد ذكر الطبيب الذي كان يتابع حالة الطفلة ميلاغروس عام 2006 أن الطفلة بحاجة لإجراء 16 عملية خلال العقد القادم؛ لإعادة إصلاح الجهاز الهضمي، والبولي، والتناسلي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق